الحقائق الغائبة في مشروع تطوير محطة السكة الحديد بميدان رمسيس
ما أكثر المشروعات التي تخنقها وتغرقها
دوامات الجدل ويضيع معها الوقت في التشكيك وتشتيت الجهود, وبعد ان نكون
قد قطعنا شوطا نحو التنفيذ نعود مرة أخري لنبدأ من نقطة الصفر.
ويأتي
مشروع تطوير محطة مصر علي رأس تلك المشروعات التي شهدت جدلا هو اقرب إلي
حوار الطرشان منه إلي الحوار الخلاق الذي يدفع للوصول إلي حلول ايجابية
ولعل الوقائع والاحداث والمستندات تمثل ترجمة حقيقية لهذا اللغط الذي بدأ
في أورقة جهاز التنسيق الحضاري ليتحول إلي قضية رأي عام وتقف معه وزارة
النقل والمسئولون فيها موقف المدافع.
وحتي نبدأ القصة من فصولها
الأولي لابد ان نعود إلي ديسمبر2006 اي قبل اكثر من عامين عندما وقع
المهندس محمد لطفي منصور وزير النقل بروتوكولا للتعاون مع جامعة
الاسكندرية لتتولي القيام بالتصميمات المعمارية لتطوير محطتي السكة الحديد
في رمسيس بالقاهرة وسيدي جابر بالاسكندرية.
ووفقا لتصريحات وزير
النقل فان عمليات التطوير اعتمدت علي محورين بالنسبة لمحطة رمسيس, الأول
هو الساحة المواجهة للمحطة والمحصورة بين المبني الحالي والسور الخارجي
لتصبح علي مستوي حضاري وجمالي يليق بالعاصمة باعتبارها واحدة من أهم واكبر
المحطات في مصر.
أما المحور الثاني فيشمل المبني الاداري الذي لم
يخضع لاي أعمال تطوير منذ انشائه قبل45 عاما وأصبح في حالة متدهورة
للغاية معماريا وانشائيا ويمثل خطورة علي الركاب والموظفين خاصة بعد ظهور
الطفح المستمر للصرف الصحي في البدرومات فضلا عن عشوائيات التوصيلات
الكهربائية.
من بين هذه المخاطر التي تتعلق بالأمن والسلامة ايضا
ان المبني طوله300 متر ولايوجد به سوي سلم واحدة للصعود والهبوط, وهو
لايتطابق مطلقا مع اشتراطات الدفاع المدني خاصة ان هناك مايزيد علي1500
موظف بهذا المبني.
ويضيف وزير النقل انه كان طبيعيا قبل البدء في
التنفيذ لعمليات التطوير الحصول علي موافقة جميع الاجهزة المختصة لذلك
جاءت موافقة الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء علي الخطة بعد اجتماع موسع في
نوفمبر2007 حضره جميع الاطراف وعلي رأسهم وزير الاسكان ومحافظ القاهرة
والاسكندرية ورئيس هيئة التخطيط العمراني ورئيس جهاز التنسيق الحضاري,
وكان هناك حرص من الجميع في الحفاظ علي روح المبني من خلال محاكاة الزخارف
الموجودة بالفعل في واجهات المبني ولتصبح محطة القاهرة ليس فقط خدمة راقية
وآمنة لجمهور مصر ولكن ايضا لتكون صرحا تفخر به القاهرة ويليق بعمق واصالة
حضارة مصر.
فاذا اضفنا ان تطوير الساحة الحالية امام المحطة سوف
يوفر سيولة مرورية فائقة وتنظيما دقيقا حضاريا لدخول المحطة والخروج
منها, سواء لسيارات النقل الخاص أو الاتوبيسات السياحية أو سيارات
الأجرة وتوفير اماكن انتظار لنحو300 سيارة في الساحة والجراج بعد
تطويره.
فسوف تكتمل بذلك منظومة التطوير علي محوريها
الاساسيين: التجربة البصرية المؤثرة في احياء جماليات من وحي التراث
القديم للمحطة, نحن في أمس الحاجة إليها, والتطوير الداخلي والخارجي
للمبني والساحة الذي سوف يدفع بالمحطة قطعا لتقطع شوطا مهما ومؤثرا في ان
تكون خدمة واقعية وعصرية آمنة تليق بتاريخ وحضارة مصر ومشرفة لكل مصري
يفخر بها. ورغم ان المبني غير مصنف كأثر تاريخي, إلا انه عند دراسة
تاريخ انشاء المبني وجد انه قد تم بناؤه فعليا علي عدة مراحل, لعل
اروعها هي الجزء الخاص بالمدخل الملكي الذي تم بناؤه في سنة1932 ثم تمت
صيانته وتجديده واضفاء الطراز الاندلسي المميز له من خلال المرحلة الثانية
لعملية تطوير وتوسعة المحطة التي تمت في سنة1963.. وهو الجزء الذي يبدأ
من ركن برج الساعة جنوب شرق المبني ويمتد حتي مبني الدرجة الثانية شمال
غرب المبني.. وهذا الجزء يمثل أكثر أجزاء المبني حساسية وجمالا, حيث
كان القرار التصميمي لفريق العمل في التعامل معه ليس فقط في إتجاه الحفاظ
عليه وترميمه وإرجاعه إلي حالته الأصلية الأولي, ولكن أيضا كان في
استخدام مفرداته البالغة الثراء في تطوير الجزء الثاني الفقير نسبيا..
وهو
الجزء الاداري الذي اضيف للمبني الأصلي سنة1963 كما سبق الذكر, والذي
يمتد في ضلع طويل يبدأ من مدخل الجمهور التالي لبرج الساعة ويمتد بطول
الواجهة المطلة علي ميدان رمسيس, حتي ينتهي عند مبني المتحف اقصي شمال
الشرق بجوار مبني البريد الموجود حاليا.. وهو الجزء الذي اتسم بالفقر
المعماري والفني الملحوظ مقارنة بالجزء الأول البالغ الثراء والجمال..
وذلك امر يستطيع ان يلحظه المواطن العادي غير المتخصص بمنتهي الوضوح.
وجاءت
خطة التصميم ايضا من جانب آخر معبرة عن التطوير الداخلي المهم للمبني الذي
اشتمل علي البهو الذي من خلاله تتم الحركة الرئيسية من المداخل إلي قاعات
التذاكر المتسعة من وإلي ارصفة القطارات, وكذلك زيادة مساحة الرقعة
الخدمية للجمهور المستخدم لخدمات السكة الحديد سواء الكافتيريات أو
المطاعم أو المحلات التجارية وكذلك زيادة السعة الخدمية والنوعية للأرصفة
واخلاؤها من الاشغالات المعوقة لحركة الركاب.