قبل المعركةاستنادا لبعض المصادر التاريخية فإن الخلافة استقرت لمعاوية بن أبي سفيان بعد تنازل الحسن بن علي بن أبي طالب عن الخلافة وقيامه مع أخوه الحسين بمبايعة معاوية. ويعتقد البعض أن مجموعة من العوامل أدت إلى تنازل الحسن لمعاوية منها:
- تقديرات الحسن لموقف أهل البيت الذي كان في موضع لايحسد عليه بعد اغتيال علي بن أبي طالب.
- محاولة لحقن الدماء وتوحيد الكلمة بعد سلسلة من الصراعات الداخلية بين المسلمين ابتداء من فتنة مقتل عثمان إلى معركة الجمل ومعركة صفين وقد أثنى الكثير على هذه المبادرة وسمي العام الذي تم فيه الصلح "عام الجماعة"
- مبادرة الصلح والتنازل كانت مشروطة بعودة طريقة الخلافة إلى نظام الشورى بعد موت معاوية.
أعقب هذاالصلح فترة من العلاقات الهادئة بين أعداء الأمس في معركة صفين
ولما مات الحسن ظل أخوه الحسين ملتزما ببنود الصلح بل إن الحسين اشترك في
الجيش الذي بعثه معاوية لغزو القسطنطينية بقيادة ابنه "يزيد" في سنة (49هـ) [6].
عندما قام معاوية وهو على قيدالحياة بترشيح ابنه "يزيد بن معاوية"
للخلافة من بعده قوبل هذا القرار بردود فعل تراوحت بين الإندهاش
والإستغراب إلى الشجب والإستنكار فقد كان هذا في نظر البعض نقطة تحول في
التاريخ الإسلامي من خلال توريث الحكم وعدم الإلتزام بنظام الشورى الذي
كان متبعا في اختيار الخلفاء السابقين وكان العديد من كبار الصحابة
لايزالون على قيد الحياة واعتبر البعض اختيار يزيد للخلافة يستند على عامل
توريث الحكم فقط وليس على خبرات المرشح الدينية والفقهية. وبدأت بوادر
تيار معارض لقرار معاوية بتوريث الحكم تركز بالحسين بن علي، وعبدالله بن الزبير وعبدالله بن عمر بن الخطاب [7] [8].
عند وفاة معاوية بن أبي سفيان أصبح ابنه يزيد بن معاوية
خليفة ولكن تنصيبه جوبه بمعارضة من قبل بعض المسلمين وكانت خلافة يزيد
التي دامت ثلاث سنوات وصلة حروب متصلة، ففي عهده حدثت معركة كربلاء ثم
حدثت ثورة في المدينة انتهت بوقعة الحرةوانتهبت المدينة. كما سار مسلم بن عقبة المري إلى مكة لقتال عبد الله بن الزبير وأصيبت الكعبة بالمنجنيقات. حاول يزيد بطريقة أو بأخرى إضفاء الشرعية على تنصيبه كخليفة فقام بإرسال رسالة إلى والي المدينة يطلب فيها أخذ البيعة من الحسين الذي كان من المعارضين لخلافة يزيد إلا أن الحسين رفض أن يبايع "يزيد" وغادر المدينة سرًا إلى مكة واعتصم بها، منتظرًا ما تسفر عنه الأحداث.
وصلت أنباء رفض الحسين مبايعة يزيد واعتصامه في مكة إلى الكوفة التي كانت أحد معاقل القوة لشيعة علي بن أبي طالب وبرزت تيارات في الكوفة تؤمن أن الفرصة قد حانت لأن يتولى الخلافة الحسين بن علي
واتفقوا على أن يكتبوا للحسين يحثونه على القدوم إليهم، ليسلموا له الأمر،
ويبايعوه بالخلافة. بعد تلقيه العديد من الرسائل من أهل الكوفة قرر الحسين
أن يستطلع الأمر فقام بإرسال ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب ليكشف له حقيقة الأمر. عندما وصل مسلم إلى الكوفة شعر بجو من التأييد لفكرة خلافة الحسين بن علي ومعارضة لخلافة يزيد بن معاوية
وحسب بعض المصادر الشيعية فإن 18,000 شخص بايعوا الحسين ليكون الخليفة
وقام مسلم بإرسال رسالة إلى الحسين يعجل فيها قدومه. حسب ما تذكر المصادر
التاريخية ،ان مجيء ال البيت بزعامة الحسين كان بدعوة من اهل الكوفة. قام
اصحاب واقارب واتباع الحسين بأسداء النصيحة له بعدم الذهاب إلى ولاية
الكوفة ومنهم عبد الله بن عباس وعبد الله بن جعفر بن ابي طالب وابو سعيد الخدري وعمرة بنت عبد الرحمن ،حيث حذر أبو سعيد الخدري
من اعطاء الخصم الذريعة بالخروج عن الطاعة لولي الامر مانصه "غلبني الحسين
على الخروج وقد قلت له ،اتق الله والزم بيتك ،ولاتخرج على امامك" إستنادا
على تاريخ الاسلام للذهبي ج 2 ص 342. وكذلك عمرة بنت عبد الرحمن ،نفس
المصدر ص 343. ولكن الحسين وإستنادا على الطبري ج 4 ص 292 "كان مصرا اصرارا كبيرا على الخروج" ،كما اسدى له ابن عباس النصح براي اخر مهم ،"فان ابيت الا ان تخرج فسر إلى اليمن فان بها حصونا وشعابا ولابيك بها انصارا (الشيخ الخضري ،محاضرات تاريخ الامم الاسلامية).
لكن هذا الخبر وصل بسرعة إلى الخليفة الأموي الجديد الذي قام على الفور بعزل والي الكوفة النعمان بن بشير بتهمة تساهله مع الإضطرابات التي تهدد الدولة الأموية وقام الخليفة يزيد بتنصيب والي آخر كان أكثر حزما اسمه عبيد الله بن زياد
الذي وحسب المصادر الشيعية قام بتهديد رؤساء العشائر والقبائل في منطقة
الكوفة بإعطائهم خيارين إما بسحب دعمهم للحسين أو انتظار قدوم جيش الدولة
الأموية ليبيدهم على بكرة أبيهم. وكان تهديد الوالي الجديد فعالا فبدأ
الناس يتفرّقون عن مبعوث الحسين، مسلم بن عقيل شيئا فشيئا لينتهى الأمر
بقتله[9]
واختلفت المصادر في طريقة قتله فبعضها تحدث عن إلقائه من أعلى قصر الإمارة
وبعضها الآخر عن سحله في الأسواق وأخرى عن ضرب عنقه، بغض النظر عن هذه
الروايات فإن هناك إجماع على مقتله وعدم معرفة الحسين بمقتله عند خروجه من
مكة إلى الكوفة بناء على الرسالة القديمة التي استلمها قبل تغيير موازين
القوة في الكوفة [10].
هناك رواية مشهورة لا يمكن التحقق من صحتها تقول بأن الحسين وهو في طريقه إلى الكوفة لقي الشاعر الفرزدق وقال الفرزدق للحسين "قلوب الناس معك وسيوفهم مع بني أمية" ولما وصل الحسين كربلاء في طريقه إلى الكوفة أقبل عليه مبعوث من والي الكوفة عبيد الله بن زياد وكان اسمه الحرّ بن يزيد فحذره الحر بن يزيد من أن أي قتال مع الجيش الأموي سيكون انتحارا ولكن الحسين وحسب المصادر الشيعية جاوبه بهذا البيت من الشعر [11]
سأمضي وما بالموت عارٌ على الفتى |
| إذا ما نوى حقاً وجاهد مسلما |
وآسى الرجـال الصـالحين بنفسـه |
| وفارق خوفاً أن يعيش ويرغما |
فيما تشير روايات أخرى إلى أن الحسين لما علم بمقتل مسلم بن عقيل وتخاذل الكوفيين عن حمايته ونصرته، قرر العودة إلى مكة، لكن إخوة مسلم بن عقيل أصرّوا على المضي قدما للأخذ بثأره، فلم يجد الحسين بداً من مطاوعتهم [12] واستنادا إلى الطبري فإن أبناء مسلم بن عقيل قالوا :" والله لانرجع حتى نصيب بثأرنا أو نقتل " ،ثم قال الحسين : "لا خير في الحياة بعدكم" فسار [13].