اعقلها غدا عيد الأم. وكل من له أم يصل رحمها.

هل تذكر حين أراد أخوك أن يرسم لك ساعة علي كفك فمددت يدك فعضها. فجريت
باكياً إلي حجرها فضمتك في حضنها؟.. وهل تذكر حين أخذوك إلي الحلاق لتحلق
شعرك لأول مرة وحين عدت إلي البيت لم تجد شعراً فجريت باكياً إلي حجرها
فضمتك في حضنها؟.

هل تذكر حين أخذوك إلي المصوراتي ليلتقط لك صورة 4 * 6 لزوم التقديم
في سنة أولي. وكانت خلفية الصورة بيضاء غصباً عنك وفرضوا عليك أن تمشط
شعرك بالمشط الذي مر علي آلاف الرؤوس من قبلك. فجريت باكياً إلي حجرها
فضمتك في حضنها؟. وهل تذكر المصيص الأحمر الذي طلبوا منك أن تصنع منه
تمثالاً فلطخت المريلة وفتن عليك أخوك عندها لتضربك. وحين نهرتك جريت
باكياً إلي حجرها فضمتك في حضنها؟.

هل تذكر ليلة العيد حين التف الجميع لصنع الكعك والبسكويت. وبعثرت
السمسم تحت الطبلية. وحين شخطوا فيك جريت باكياً إلي حجرها فضمتك في
حضنها؟. وهل تذكر يوم الجمعة وأنت تمسك بذيل جلباب أبيك ليصحبك تصلي معه
بالمسجد ورفض لأنك لم تتوضأ فجريت باكياً إلي حجرها فضمتك في حضنها؟.

هل تذكر الصباح الذي أحضروا فيه التليفون أبو قرص. وأهلكت أصابعك
وأنت تطلب أرقاماً لمجهولين فربطك والدك في رجل السرير. فجريت باكياً إلي
حجرها فضمتك في حضنها؟. وهل تذكر حين كنت ربطت الفوطة علي كتفيك مثل
السوبرمان وقفزت من أعلي السرير أبو عامود فكسرت يدك. جريت باكياً إلي
حجرها فضمتك في حضنها؟. وهل تذكر حين كنت تتعري كل ليلة ويصيبك السعال
والبرد فتسهر لتغطيك وتصنع لك كوب الليمون واعطاك الحكيم حقنة . فجريت
باكياً إلي حجرها فضمتك في حضنها؟.

هل تذكر حين وضعت الكازوزة في الثلاجة. ولما أتيت لتشربها كان أخوك
قد سبقك إليها. فجريت باكياً إلي حجرها فضمتك في حضنها؟. وهل تذكر حين
دخلت لتستحم لأول مرة بمفردك وسقطت منك الصابونة علي الأرض فتزحلقت وعلا
صراخك. جريت باكياً إلي حجرها فضمتك في حضنها؟. وهل تذكر حين تشاجرت مع
أولاد الجيران وضربوك علقة سخنة لأنك جلست علي رصيف بيتهم. وحين جلسوا علي
رصيف بيتك ومنعتهم قالوا إنه رصيف الحكومة؟.

إنها أمك التي يتجلي عطاؤها في كل ذكري. فهل تذكر؟. وطوبي لمن قال مصر هي أمي.