تراجع اسعار النفط يجبر العراق على وقف عمليات التجنيد

دفع انخفاض أسعار النفط الجيش والشرطة العراقيين إلى تعليق عمليات التجنيد في البلاد بالرغم من قيام الولايات المتحدة الأمريكية تسليمهما مهمات حماية البلاد.

وأدى ذلك إلى وقف عمليات تجنيد المسلحين السابقين من السنة، ودفع الجيش العراقي إلى نقل المئات من الجنود إلى سلاح البحرية لحماية منشآت النفط الحيوية في الخليج.

كما سيتوجب على العراق أيضا تخفيض مشترياته من المعدات والأسلحة، مما يطرح أسئلة جديدة حول قدرته على حماية حدوده ومنع اندلاع أعمال العنف من جديد.

يأتي هذا في الوقت الذي يستعد فيه الجيش العراقي لانسحاب القوات الأمريكية من بلاده عام 2011، والتي تقوم بتوفير كل ما هو ضروري من الماء النقي إلى الوقود.

غير أنه لا يتوقع أن يؤدي هذا إلى تأجيل الانسحاب الأمريكي حسب الاتفاقية الأمنية التي بدأ تنفيذها في اليوم الأول من هذا العام، غير أنه ما لم تنتعش أسعار النفط من جديد فإن الأزمة قد تهدد المكاسب الأمنية التي تم تحقيقها بعد مصاعب شديدة.
وقف التجنيد

وبدأ وقف التجنيد بهدوء وبدون ضجة في وزارة الداخلية في كانون الأول/ديسمبر، وتم توسيعه حين اضطرت الحكومة في أوائل العام إلى تعديل ميزانيتها لعام 2009 ، وأكدته مؤخرا السلطات العراقية والأمريكية.

فقد أقر البرلمان العراقي هذا الشهر الميزانية التي تبلغ 58.6 مليار دولار بعد تخفيضها مرتين من أصل 79 مليار دولار، وذلك إثر انخفاض أسعار النفط من 150 دولارا للبرميل في تموز/يوليو وهو أعلى معدل بلغته إلى 51 دولار للبرميل يوم الجمعة الماضي.

وتشكل عائدات النفط 90% من دخل العراق.

ومن أكثر المسائل التي تثير القلق محاولة الحكومة دمج عشرات الآلاف من المقاتلين السنة ممن انقلبوا على القاعدة في العراق في الأجهزة الأمنية حتى لا يتجهوا للعنف ثانية.

وكانت الحكومة قد وعدت بتجنيد 20% ممن يطلق عليهم اسم عناصر الصحوة "أبناء العراق" للعمل في الشرطة أو الجيش، إلا أن هذه العملية تسير ببطء.

وكان من المفترض أن يتم في الشهر المقبل نقل 91 ألف من هؤلاء ممن تركوا الجماعات المسلحة وانضموا إلى جماعات أمنية مولتها في البداية الولايات المتحدة إلى الحكومة العراقية، إلا أن 3 آلاف منهم فقط قد انضموا إلى الجيش أو الشرطة رغم أن الحكومة العراقية تدفع للبقية مرتبا صغيرا.

وقد أعلن جواد البولاني وزير الداخلية العراقي أن أزمة الميزانية قد دفعت وزارته إلى تأجيل خطط زيادة قوة الشرطة المحلية البالغ قوامها نصف مليون فرد، وإنشاء كتيبة في كل محافظة.

ويبلغ عدد أفراد الأجهزة الأمنية في العراق نحو 610 ألف فرد وتشمل الشرطة والجيش والبحرية والقوى المساعدة.

وقد أشار أنتوني كوردسمان محلل الشؤون الأمنية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن إلى أن انخفاض أسعار النفط يأتي مع انخفاض المعونة الدولية للعراق بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية.

غير أن المسؤولين العسكريين في العراق يؤكدون أن القوات البرية كافية في هذه المرحلة.

وقال الفريق محمد العسكري إن السلاح الجوي الضئيل يواصل قبول الطلبات من الطيارين والطواقم الأرضية المدربة، وإنه "إذا ما طالب أي فرع بقوات أكبر فسنفتح باب التجنيد من جديد".
جنود عراقيين
سبجبر العراق على اعادة النظر في خطط تسليح الجيش

إلا أن البحرية العراقية تعاني منقلة العدد حيث يزيد عدد الشواغر فيها يزيد عن 60% من الوظائف فيها، وذلك قبل أقل من شهرين من تسلمها مسؤولية حماية منشأتين نفطيتين في المياه المتنازع عليها على الحدود مع إيران.

ولسد هذا العجز قام الجيش بنقل أكثر من 500 جندي من الجيش إلى مرفأ أم القصر النفطي جنوبي البلاد.
فرصة ثمينة

ويقول القادة المشرفون على عملية الانتقال إن العراقيين سيستلمون الأمن في مرفأ خور العمية بنهاية نيسان/إبريل المقبل والمنطقة المحيطة بها بنهاية العام.

إلا أن القوات الأمريكية والبريطانية ستظل على بعد عدة أميال منه وذلك في منشآت النفط الأحدث في البصرة، والتي توصف بـ "جوهرة التاج" بسبب أنبوبي النفط فيها والذي يبلغ قطر الواحد منهما 48 بوصة، ويمر عبرهما 80% من صادرات العراق من النفط الخام.

ويقول الكابتن كارل فان دوسن من البحرية الأمريكية إن تسلم العراقيين مسؤولية مرفأ خور العمية يمثل فرصة ثمينة لتدريب العراقيين، وهم يواجهون انسحاب القوات الأمريكية.

وقد تم تدمير البحرية العراقية خلال القصف الأمريكي في حرب الخليج عام 1991، ويبلغ عدد أفرادها حاليا 3 آلاف من البحارة ومشاة البحرية من أصل 7900 ، ومن بين أفراد الجيش الخمسمائة الذين تقرر نقلهم للبحرية انتقل 200 فقط، وكثيرون منهم غير راضين عن هذا التغير في عملهم.

وستأخذ القوات الأمريكية والمتحالفة معها أجهزة الاتصال المنيعة التي تستخدمها مما سيترك العراقيين عرضة للتنصت عليهم من قبل إيران، فأجهزة الهواتف النقالة الوحيدة التي يمكن التقاط إشارتها على المنشآت النفطية هي المرتبطة بشبكات في الكويت وإيران.

والجنود العراقيون بحاجة ايضا إلى المزيد من الأسلحة، ويقول الجيش الأمريكي إنه يتم نقل 30 مدفعية ثقيلة إلى المنطقة من أماكن أخرى في العراق إلا أن العراقيين بحاجة إلى من يساعدهم في صيانتها.