لونك إيه بقلم خالد توحيد

هو قدر ومكتوب..فرض على الصحفى بشكل خاص ، والاعلامى بوجه عام..أن يظل مطاردا كل الوقت ، لكى تعرف الناس هويته..ويحددون لونه!!

وليس المقصود بالهوية.. أواللون –بكل أسف- المعيار المهنى ،
والمستوى الاحترافى للعمل الاعلامى والصحفى الذى تؤديه ، فقد ضاق مفهوم
الهوية ، واللون ، وانحصر فى دائرة شديدة الضيق.. والتواضع ، وبات لايعنى
سوى النادى الذى تشجعه ، أوالفريق الذى تنحاز له ، أوالفانلة التى من
المفترض أنك تحبها!

كل ماتكتبه..ويسطره قلمك ، وجميع ماتقوله..وتبديه من أراء عبر
وسائل الاعلام - مسموعة كانت أم مرئية ، أوحتى مكتوبة على الانترنت- يبقى
رهين انتمائك..وأسير لون الفانلة التى لابد انك ترتديها ، ولو لم تكن
ترتديها..فهناك من يتطوع بخلعها عليك!!

وأظن أن هذه المسألة الجدلية العابرة..والهامشية جدا ، لاتسيطر فقط
على تفكير الناس فى العالم العربى ..وعلى وجه الخصوص فى مصر، ولكنها-أيضا-
تستهلك جهدهم ، وتسيطر على فكرهم ، وتحدد قناعاتهم ، وهى المدخل الوحيد
لتقييم من يعمل فى مجال الاعلام..مصيبة بحق!!

فى مصر على وجه التحديد..يدور تفكير الناس فى فلك ، أن كل من يعمل
فى مجال الاعلام ، لابد أن يكون واحدا من اثنين ، إما إنه أهلاوى النزعة ،
وهوى الفانلة الحمراء يجتاح وجدانه ، وإما إنه زمالكاوى الانتماء ، واللون
الابيض هو المفضل عنده!!

وليس بين الاحمر والابيض أى مساحة لثالث..لايوجد فرصة لعدم
الانحياز ، رغم أن العالم كله عرف فى مرحلة من مراحله التاريخية ، مساحة
وسط بين قطبين حكما السياسة فى العالم كله ، ولم يكن من السهل أن يصدقك
أحد أنك لست مع المعسكر الشرقى,,ممثلا فى الاتحاد السوفييتى ، أوالمعسكر
الغربى بقيادة الولايات المتحدة الامريكية ، ومعها الغرب الاوروبى بكامله
، ورغم مايقولونه عن قسوة السياسة ، ودروبها الوعرة..ظهر مايسمى بدول عدم
الانحياز، وانكتب لها أن تعيش ، وتمارس أدوارا إيجابية ، خففت كثيرا من
حالة الاحتقان، والحرب الباردة، التى عانى منها العالم لما يزيد عن أربعة
عقود!

عرف عالم السياسة عدم الانحياز، ولكن عالم الكرة فى مصر-وربما
العالم العربى أيضا- يرفض بكل جبروت "عدم الانحياز"، ولابد –دونا عن
إرادتك- أن تكون مصنفا..ملونا ..منتميا لواحد من الاثنين ، الاهلى
أوالزمالك!!

أكتب فى هذا الموضوع بعد أن سئمت هذا العبث ، ولم يعد بإمكانى
السكوت- وهو مالم اعتاده بالمرة فى حياتى مهما كان الثمن- فلماذا الصمت؟
ولماذا التجاهل؟ ولماذا يتعين أن ادفع ضريبة أخطاء..وخطايا الاخرين؟ عفوا
لست مستعدا لاى شىء من هذا..ولن أفعل!

وليس وراء عدم رغبتى فى تجاهل مثل هذه المسألة ، سوى رغبتى فى
تحرير فكر فئة من الناس من النظرة الضيقة التى يقيمون بها ، ويفهمون من
خلالها.. كلماتك ، وأرائك ، وتعليقاتك ، وربما نظرات عينيك ، وأحيانا
الوان ملابسك ، وفق مايعتقدون أنه النادى الذى تشجعه ، وهو قد يبدأ رافضا
كل مايأتى منك ، حتى ينتهى من مهمة البحث عن هويتك ، ولونك المفضل ، وقد
يكلف نفسه عناء البحث هنا ، والسؤال هناك ، والتفتيش بعيدا ، وربما يفشل
فى مبتغاه ، ولاينجح فى تحقيق هدفه ، وعندها يبدأ فى ممارسة لعبة
"التخمين" ، ويظل يمنى نفسه دوما..ويقنعها كثيرا ، إنه فى لحظة ما
سيوقعك..ويكشف المستور..الى هذا الحد أنت مرفوض قبل أن يظهر لونك..ياالهى!

وتستمر لعبة "التخمين" طويلا..فأنت أحمر اللون فى لحظة ، عندما
تحاول أن تمارس النقد فى شىء يخص منافسه ، وأنت أبيض اللون ، لو أبديت
رضاك عن جزئية تتعلق به ، ثم تصبح"أهلاويا" من جديد فى موضع أخر ، ثم
"زمالكاويا" فى موقف ثالث..وعلى هذا المنوال يمكنك أن تقيس كل
الاشياء..حتى مستوى الاداء ، أو قرار لحكم ، أو سلوك من لاعب ، وبمجرد أن
تبدى رأيك فيها ، إعلم إنك "ستتلون" على الفور!!

وهكذا تظل لعبة القط والفأر الى مالانهاية..ودون علاج!!

وصدقونى لست أجد فى الافق بادرة أمل..فقد تراكمت أشياء كثيرة على
امتداد الدهر، وكان الاعلام –للاسف الشديد- لاعبا أساسيا فى صنعها,,وعلى
الجميع أن يتحمل وزرها الان..الكل يعانى -وبشدة- ومنهم من هو
مثلى..لايمارس مثل هذه اللعبة ، ولايريد!
الصبر من عندك يارب..

نقلا عن صحيفة استاد الدوحة

نايس يا مان

شكرا للمرور

شكرا للموضوع الجميل

شكرا للمرور

» خالد توحيد يقول : أبوتريكة وبركات وحسن يصنعون الفارق لمصر أمام زامبيا
» اعرف شخصيتك من لونك المفضل
» الفيفا يتراجع عن توحيد توقيت مباريات بتصفيات كأس العالم بافريقيا
» خالد يرحب بكم
» حذاء الطنبونى بقلم البوسطجى