أبوالغيط قبل انعقاد قمة العشرين: المشكلات الاقتصادية العالمية.. تستدعي حلولا جماعية دولية

قال أحمد أبوالغيط وزير الخارجية إنه رغم مرور ما يقرب من عام علي اندلاع
أزمة الائتمان العقاري في الولايات المتحدة إلا أن تداعيات هذه الأزمة
مازالت تلقي بظلالها علي الوضع الاقتصادي الدولي حيث تحولت من أزمة مالية
إلي أزمة في الأسواق الحقيقية التي شهدت تراجعاً في الطلب العالمي علي
السلع والخدمات وتجميد عمليات الائتمان المصرفي والتوسع الاستثماري مشيراً
إلي أن الأزمة كشفت عن أوجه قصور شديدة في النظام المالي الدولي بشكل عام
وقواعد الرقابة الداخلية في الدول الكبري الأمر الذي طالبت معه العديد من
الدول النامية بأنه في ظل ظروف العولمة الاقتصادية فإن المشكلات
الاقتصادية ذات التأثير العالمي تستدعي حلولاً عالمية وليس فقط معالجات
فردية من جانب الدول المتأثرة بهذه المشكلات.

أعرب عن تطلع مصر إلي أن تمثل اجتماعات مجموعة العشرين القادمة في
لندن الخميس المقبل خطوة علي صعيد إعادة الثقة في الاقتصاد العالمي
وتنشيطه والخروج بنتائج ملموسة تصب في اتجاه التحرك الدولي الرامي لمعالجة
الأزمة وإصلاح النظام المالي الدولي بما يضمن مواكبته للتطورات الراهنة
علي الساحة الاقتصادية الدولية وتجنيب العالم تكرار أزمات مالية مماثلة في
المستقبل فضلاً عن توفير الموارد الكافية لمؤسسات التمويل الدولية.

أضاف في تصريحات صحفية أن الأزمة المالية العالمية لم تقتصر
تداعياتها علي الدول المتقدمة المتسببة فيها بل امتد نطاقها ليشمل الدول
النامية والأقل نمواً حيث ألقت بأعباء وتحديات غير مسبوقة علي العديد من
هذه الدول وخططها التنموية المشروعة الأمر الذي يفرض التزاماً علي الدول
الكبري بالعمل علي أن تتصدر مصالح الدول النامية والأقل نمواً أية حلول
شاملة للأزمة المالية العالمية ومراعاة تضمين أولوياتها في أية إصلاحات
مقترحة للنظام المالي الاقتصادي الدولي كما أوضح الوزير أن خطط الإنقاذ
التي بدأت تطبيقها بعض الدول المتقدمة فرضت معطيات تجارية جديدة وأصبحت
تثير عدداً من التحفظات لدي الدول النامية تتعلق بمدي اتساق عناصرها مع
قواعد التجارة الدولية التي تحظر تقديم الدعم بشكل يعيق حركة التجارة من
ناحية أخري أشار الوزير إلي أن آثار الأزمة امتدت إلي مجال تمويل التجارة
والاستثمار الأجنبي والمساعدات الإنمائية حيث تشير التقديرات الصادرة عن
المؤسسات الدولية إلي وجود فجوة تمويلية تتراوح ما بين 270-700 مليار
دولار عام 2009. مؤكداً علي أن التعامل مع التداعيات مازال يستوجب جهداً
عالمياً يتخطي نطاق الجهود المبذولة حالياً.

أكد وزير الخارجية أن مصر توظف كامل ثقلها في المحافل الدولية
والإقليمية من أجل دفع الجهود الرامية إلي معالجة الأزمة المالية
العالمية. مشيراً إلي تأييد مصر لاضطلاع الأمم المتحدة بدور أساسي وفاعل
في الحوار الدولي لإيجاد الحلول اللازمة للتصدي للأزمة المالية العالمية
لما تتمتع به من آليات متعددة وتمثيل موسع من قبل كافة أعضاء المجتمع
الدولي مضيفاً أن النظام الدولي الحالي بات يواجه حالة من السيولة غير
المسبوقة بعد سلسلة الأزمات الاقتصادية الدولية التي شهدها العامان
الماضيان بدءاً من أزمة الطاقة مروراً بأزمة الغذاء وصولاً إلي الأزمة
المالية العاصفة التي تحولت إلي أزمة اقتصادية أشمل وأعمق لا نعرف مداها
بالكامل حتي الآن.

أشار أبوالغيط إلي أن التعاطي مع الأزمة الحالية التي يشهدها
الاقتصاد الدولي يستدعي التعامل معها من منظور أو منطلق عالمي لا يقتصر
علي نطاق مجموعة تم إنشاؤها في ظروف دولية سابقة لم تعد موجودة. مشيراً
إلي أن مجموعة العشرين تكونت في ظروف استثنائية إبان الأزمة المالية
الآسيوية عام 1997. وأنها بتشكيلها الحالي تستبعد العديد من الأطراف التي
لابد من مشاركتها من أجل ضمان اتساق الجهد العالمي في التعامل مع الأزمة
الحالية. أضاف أن مصر تأمل في أن يتم توسيع نطاق المشاركة في الاجتماعات
التالية لقمة لندن لتشمل دولاً نامية أخري. خاصة القارة الأفريقية حيث إن
المجموعة بتشكيلها الحالي لا تعكس مصالح واحتياجات القارة بالشكل المناسب.
وهو الأمر الذي تم إثارته في اتصالاتنا مع الجانب البريطاني بصفتهم الدولة
المستضيفة للقمة. مؤكداً علي أهمية مراعاة موضوع التمثيل العادل والمتوازن
مستقبلاً إذا ما تقرر عقد فاعليات أخري مماثلة.

وفي هذا السياق صرح الوزير بأن الدبلوماسية المصرية علي اتصال دائم
بمختلف الدول الأطراف في مجموعة العشرين من أجل تبادل الآراء حول سبل
التصدي للأزمة وقد عكست هذه الاتصالات اهتمام دول المجموعة بالتعرف علي
الرؤي المصرية في هذا الشأن. مشيراً إلي أن الرؤية المصرية ركزت علي ثلاث
قضايا هامة هي أهمية أن تراعي الحزم والخطط التنشيطية والتحفيزية التي تم
الإعلان عنها مصالح واحتياجات الدول النامية مع السماح لهذه الدول بالتمتع
بحيز السياسات الضروري الذي يتيح لها القدرة علي تطبيق برامج التحفيز
الملائمة لإعادة تنشيط اقتصاداتها والتعامل مع الآثار السلبية للأزمة
المالية العالمية.