تزوير فى أوراق قضائية!

هي مصيبة بكافة المقاييس.. أن يظهر في توقيت واحد تقريران منسوبان لهيئة
المفوضين بمجلس الدولة.. أحدهما صحيح والآخر مزور.. تزوير عيني عينك..
جهارا نهارا من دون أن يتحرك أحد.. تصوروا تزوير في أوراق قضائية،
والموضوع يمر في هدوء وكأن شيئاًً لم يحدث.. سأروي لكم التفاصيل وبعد ذلك
سأوجه ندائي للسيد المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام وأطالبه بفتح
التحقيق في هذه الواقعة المخزية!

التفاصيل تقول إن صداماً عنيفاً حدث بين سمير زاهر وأسامة خليل مرشحي
الرئاسة بانتخابات اتحاد الكرة الماضية.. وقام خليل برفع دعوي قضائية
يطالب فيها بمنع سمير زاهر من الترشح للانتخابات بدعوي أنه غير حسن السير
والسلوك لتورطه في قضايا شيكات وإفلاس وأشياء من هذا القبيل.. وحسم خليل
الجولة الأولي لصالحه، وحصل علي حكم يمنع زاهر من الترشح، وذلك قبل
الانتخابات ب 48 ساعة.. إلا أن زاهر لم يسكت وفاز بالجولة الثانية بتقديمه
استشكالاً أوقف به الحكم، ثم طعن عليه في المحكمة الإدارية العليا وتقدم
المجلس القومي للرياضة هو الآخر بطعن علي الحكم.. ليترشح زاهر في
الانتخابات بل ويكتسح منافسيه ويظفر بمنصب رئيس اتحاد الكرة للدورة
الثانية علي التوالي.. خليل لم يستسلم واستمر في دعواه القضائية وملاحقة
زاهر ويتحدد الأول من يونيو القادم لإعلان الحكم النهائي في هذه القضية
والذي لا طعن فيه بعد ذلك، أي أن ما سينطق به القاضي في ذلك اليوم ستتحدد
بناء عليه مقدرات اتحاد الكرة.. إما أن يستمر حتي نهاية دورته برئيسه
الحالي.. وإما أن ننتظر رئيساً جديدا!

ولأن الحكم لم يصدر بعد، فإن الموضوع لم يشغل بال أحد، حتي خرج أسامة خليل
للرأي العام وبحوزته تقرير هيئة مفوضي الدولة والمقدم للمحكمة يبدي فيه
مفوضو الدولة رأيهم وقرارهم في القضية.. وكان القرار¬ في صالح أسامة خليل
وضد سمير زاهر ونصه كالتالي: «قبول الطعنين شكلا ورفضهما موضوعاً وإلزام
الطاعنين بالمصروفات».

وتفسير هذا القرار طبقاً لما قاله المستشار أحمد غنيم بالقضاء الإداري في
بنها في محادثة بيننا أن قبول الطعنين شكلاً يعني أن سمير زاهر والمجلس
القومي للرياضة تقدما بهما في الوقت القانوني ورفضهما موضوعاً أن هيئة
مفوضي الدولة لم تقتنع بمبررات الطعن، وليس له أسانيد قانونية وبالتالي تم
رفضهما وذلك يعني أن الحكم الأول برفض ترشيح سمير زاهر الذي صدر قبل
الانتخابات هو الحكم الصحيح طبقاً لرأي مفوضي الدولة.. وإلزام الطاعنين
بالمصروفات أي أن زاهر والمجلس القومي للرياضة هما الملزمان بسداد كافة
المصروفات.

هذا التفسير كان بمثابة صدمة عنيفة جداً لفريق سمير زاهر، إلا أن المفاجأة
المذهلة تمثلت في تقرير آخر أعلنه وتحدث عنه إبراهيم إلياس المستشار
القانوني لاتحاد الكرة مؤكداً أن منطوق القرار في تقرير هيئة مفوضي الدولة
نصه مختلف، وكان كالتالي: «قبول الطعنين شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم
المطعون فيه، والقضاء مجدداً برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه،
وإلزام المطعون ضده الأول بالمصروفات عن درجتي التقاضي».

وتفسير هذا القرار طبقاً لمحادثة بيني وبين إبراهيم إلياس هي القضاء
مجدداً برفض طلب استبعاد سمير زاهر من قائمة ترشيحات انتخابات الاتحاد
المصري لكرة القدم وصحة ترشيحه وفوزه في الانتخابات، وإلزام المطعون ضده
أسامة خليل بالمصروفات.

إذن هناك تقريران ظهرا للرأي العام.. التقرير الأول وضعه أسامة خليل علي
الموقع الرسمي الخاص به.. والتقرير الثاني وضعه اتحاد الكرة المصري علي
موقعه الرسمي.. والمؤكد أن كلاً من الطرفين قد حصل علي تقريره من جهة ما
أو من شخص ما.. وكلاهما خرج للرأي العام وللإعلام الرياضي في مصر مؤكداً
صحة موقفه.. وذلك أحدث بلبلة شديدة وجدلا واسعاً.. حتي خرج مجلس الدولة
نفسه فيما يشبه البيان بصحيفة الأهرام في عدد الجمعة الماضي ليحسم الأمر،
وقالت الأهرام في تصريح منسوب لمصدر مسئول بمجلس الدولة إن التقرير الصحيح
لهيئة مفوضي الدولة هو التقرير الأول الذي تحدث عنه أسامة خليل والذي هو
ليس في صالح سمير زاهر. أما التقرير الثاني -كما قال المصدر المسئول- فهو
غير صحيح وهو والعدم سواء!!.

وهنا عرف الرأي العام الحقيقة.. وسريعاً لحق اتحاد الكرة نفسه وأصدر
بياناً آخر علي موقعه الرسمي مؤكداً أن هناك تقريرين صدرا بالفعل أحدهما
في صالح سمير زاهر والآخر ضده معترفا بأن ذلك أحدث بلبلة في الشارع
الرياضي، وأوضح بيان اتحاد الكرة أن تقرير هيئة المفوضين هو في النهاية
تقرير استشاري للمحكمة فضلاً عن عدم وروده أساساً إلي المحكمة بدلالة ما
أثبته السيد المستشار رئيس الدائرة في محضر الجلسة التي كانت بتاريخ 6
أبريل الجاري والتي تقرر فيها حجز القضية للحكم.

كل هذه التفاصيل تعني أن هناك تقريرا مزورا منسوباً لهيئة مفوضي الدولة،
وحتي كتابة هذا المقال في الساعات الأولي من صباح يوم الإثنين الماضي كان
التقرير المزور لا يزال موجودا علي الموقع الرسمي لاتحاد الكرة المصري لمن
يريد الاطلاع عليه.

والسؤال الذي يفرض نفسه:

من الذي قدم هذا التقرير المزور لاتحاد الكرة؟! وكيف يسكت مجلس الدولة علي
نسب تقرير مزور لهيئة المفوضين؟! ومن هنا ومن علي صفحات «شووت» أتقدم
ببلاغ للسيد المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام أطالب سيادته بفتح ملف
التحقيق في هذه الواقعة، ومعاقبة الجاني فيها وإعلان اسم المزور للرأي
العام.. ومن السهل التعرف عليه إذا أبلغ اتحاد الكرة كيف حصل علي هذا
التقرير، والذي تم وضعه علي الموقع الرسمي للاتحاد.. وبقي القول إن
التقرير الصحيح مذيل بتوقيع المستشار عبدالناصر عثمان نائب رئيس مجلس
الدولة ومفوض الدولة ورئيس الدائرة وأيضاً المقرر النائب صلاح علي المصري
وكان تاريخه مارس 2009 ومختوم بأختام مجلس الدولة ختم النسر .. أما
التقرير المزور فليس به أختام ولا توقيعات وتاريخه ديسمبر 2008..


هذه الواقعة لابد ألا تمر مرور الكرام يا سيادة النائب العام لأنها بالفعل... تزوير في أوراق قضائية!!


* * *

هذه الرواية التي نقلتها لحضراتكم، وواقعة التزوير التي أطالب بالتحقيق
فيها لا تعني بالنسبة لي أبداً أن سمير زاهر سيخسر هذه القضية أو سيخسرها
أسامة خليل لأن الحكم النهائي في يد المحكمة الإدارية العليا وليس أي أحد
آخر.. ولا ينكر أحد أن الشارع الرياضي المصري أصيب بحالة من القلق جراء
هذه الأحداث، خاصة أن المنتخب المصري في يونيو القادم وتحديداً في السابع
من يونيو سيواجه المنتخب الجزائري خارج أرضه، ونحتاج للفوز في هذه
المباراة لتتواصل أحلامنا بالتأهل لنهائيات كأس العالم.. ولكن في النهاية
لا يصح إلا الصحيح، فالقضاء يتعامل بمنظور العدل فهو ضمير الأمة حتي لو
ضاع حلم التأهل للمونديال!