أعلي متوسط للأعمار بالإمارات: في الجزائر.. الآباء يفرون إلي دور المسنين هرباً من ضرب الأبناء

تمر رحلة عمر الإنسان عبر مراحل ثلاث تبدأ بالطفولة ومرورا بمرحلة الشباب
وانتهاء بمرحلة الضعف والشيخوخة.. وهي المرحلة التي يخشاها كبار السن
ولاسيما في زمن الماديات التي تبدلت فيه القيم والمباديء المستقيمة..
فبدلا من ان ينتظر الإنسان في شيخوخته من يوقره ويصرف اقصي اهتمام وابلغ
عناية به من جانب ابنائه.. قد يجد نفسه تحت رحمة المساعدات من الخارج وقد
يضطر لتغيير مقره باللجوء إلي دار للمسنين.

ولالقاء الضوء علي واقع المسنين في المجتمعات العربية.. نستعرض بعض
الأرقام والاحصائيات.. فنجد أن هناك بوجه عام ارتفاعاً في نسبة كبار السن
ومتوسط الاعمار مع تقدم اساليب الطب والعلاج وتوافر الخدمات الصحية
والاجتماعية حيث بلغ متوسط اعمار المسنين في السعودية 73.6 وفي الإمارات
2.77 وفي البحرين 8.74 وفي سلطنة عمان 3.74 وفي قطر 5.75 وفي الكويت 5.77
وفي اليمن 9..62

وتشير تقديرات إلي أنه مع ارتفاع اعداد المسنين فإن عددهم في الدول
العربية بنهاية الربع الاول من القرن الجاري سيصل إلي أكثر من 40 مليون
مسن.. وذكرت تقارير أن عدد المسنين في الامارات سوف يتضاعف عدة مرات خلال
السنوات القليلة المقبلة ليصل إلي 4.19% من جملة السكان في عام 2025 وهو
ما يعد من اكبر المعدلات الخليجية والعربية والعالمية علي الاطلاق.. بينما
في السعودية ستبلغ نسبتهم 6.1% و9.8% في البحرين و17.4% في الكويت و6.0%
في عمان و12.2% في قطر.. كما تشير توقعات إلي أن عدد المسنين في الاردن
سيزداد في السنوات القادمة لتصل نسبتهم الي نحو 10% من افراد المجتمع
الأردني عام .2025

وعلي سبيل المثال اشارت احصائيات حكومية في السعودية عام 2005 إلي
زيادة اعداد المسنين في المملكة ممن بلغت اعمارهم 60 عاما فأكثر حيث وصلت
الي ما يقارب ال 700 ألف مسن من الذكور والإناث.. بينما بلغ عدد المسنين
الفلسطينيين 117 ألف مسن عام 2006 وفي البحرين بلغ عدد المسنين البحرينيين
نحو 30 ألف مسن.. وفي قطر بلغ عدد المسنين ما يقرب من 18 ألف مسن في نفس
العام أيضا.. بينما يصل عدد المسنين في الجزائر إلي 6.3 مليون شخص.

أما عن أحوال المسنين في الدول العربية ودور المسنين.. فنجد أنه في
دولة مثل السعودية تضع السلطات المعنية شروطا للقبول بهذه الدور من أهمها
أن لا يوجد للمسن أو المسنة اقارب يمكن ان يعتنوا بهم حرصا علي تكريس مبدأ
الترابط الاسري والتكافل الاجتماعي.

وتوجد حاليا في السعودية عشر دور لرعاية المسنين والمسنات موزعة علي
ارجاء المملكة.. منها 9 مخصصة للرجال وواحدة فقط مخصصة للسيدات وتسجل هذه
الدور حضورا بارزا لتجار وموظفين حكوميين ومزارعين ورعاة ماشية وعمال من
الجنسين.. واكثر من 90% من نزلاء ونزيلات دور رعاية المسنين هناك من
الاشخاص الذين لا يوجد لهم أبناء أو أقارب وأرحام.

ومن الافكار الجيدة التي تطبقها وزارة الشئون الاجتماعية في السعودية
ما يسمي "برنامج الرعاية المنزلية" الذي يهدف الي رعاية المسن داخل اسرته
وتقدم له الرعاية الطبية حسب الحاجة من خلال فريق طبي يزور المسن بين فترة
وأخري.

غير أن جملة من التحقيقات الصحفية كشفت عن ان عددا غير قليل من كبار
السن يعانون اوضاعا مريرة داخل أسرهم فيقول بعضهم انهم يعيشون كالغرباء في
بيوت ابنائهم القاسية قلوبهم ويتذوقون مرارة الاهمال والنسيان.

وفي الأردن يوجد 11دارا للمسنين تقدم خدماتها الي فئتين من شرائح
كبار السن الاولي فئة الفقراء ممن لا عائل لهم أو معيلهم خارج الأردن
والفئة الثانية هم كبار السن الذين اعجزتهم الشيخوخة وبحاجة إلي رعاية
صحية واجتماعية ونفسية خاصة قد لا تستطيع الاسر الفقيرة أو صحاب الدخول
المحدودة توفيرها.

ويقول قائمون علي بعض تلك الدور ان اقبال الاسر الاردنية لايواء كبار
السن في دور المسنين بوجه عام اقبال محدود جدا وتدل علي ذلك احصائيات تشير
إلي أن نسبة اشغال "الأسرة" في دور المسنين هي اقل من 50% من طاقتها
الاستيعابية.

وفي المقابل تشير دراسات في الأردن إلي أن 67% من المسنين لديهم
احساس بأنهم غير مرغوب فيهم وان 60% من ابناء المسنين لديهم الرغبة بان
يعيش والدهم المسن أو والدتهم المسنة مع شخص آخر.

والأغرب من ذلك أن يلجأ الآباء والأمهات إلي المحاكم للحصول علي
حقوقهم من ابنائهم حيث سجلت محكمة عمان الشرعية خلال عام واحد 400 قضية
نفقة والدين.

وفي الجزائر توجد 28 دارا للمسنين تستقبل جميع شرائح المجتمع.. وهناك
11 منشأة أخري خاصة بدور المسنين في طريقها إلي الانجاز.. وغالبا ما يتعرض
الآباء للضرب من قبل أبنائهم ولعل هذا ما يجعلهم يفضلون دور المسنين علي
منازلهم وليس أدل علي ذلك من تسجيل مصالح الأمن خلال العام الماضي 3102
قضية تخص ضرب "الوالدين".

وفي محاولة من الحكومة للحد من ظاهرة تسيء لسمعة الجزائريين تتمثل في
التخلص من الوالدين المسنين ورميهم في ديار الشيخوخة سنت الحكومة
الجزائرية قانونا يحمي المسنين من خلال تجريم الابناء الذين يودعون آبائهم
في دور العجزة علاوة علي ذلك فإن القانون حدد خيارين للأبناء يتمثل الاول
في صرف منحة قيمتها 12 ألف دينار جزائري تقدم لهؤلاء من اجل التكفل
بوالديهم وبالتالي تفادي الخيار الثاني والذي يسلط عقوبات بالحبس وغرامات
مالية علي أي شخص يحيل والديه الي دور المسنين.

وفي العراق تشير الاحصائيات الرسمية الي وجود خمس دور للمسنين علي
الاقل في العراق ويقترب عدد نزلائها من 300 شخص وتختلف اوضاع المسنين في
بلاد الرافدين عن غيرها من الدول سالفة الذكر حيث يعيشون اوضاعا مأساوية
تزداد سوءا في ظل الاحتلال الامريكي لبلدهم الذي يقترب من عامه السادس..
فلايزال بعضهم مضطرا للعمل في مهن شاقة رغم كبر سنه لتوفير قوته اليومي..
فالعديد من المسنين يفجعون يوميا باصابة أو خطف أو قتل ابناء واحفاد لهم
مازالوا في عمر الزهور بعد ازدياد تردي الاوضاع الأمنية في البلاد الامر
الذي حدا ببعض المسنين الي القول ان من خصوصيات العراق أن يموت الابناء
قبل آبائهم وأمهاتهم..وتروي قصص أخري في دور المسنين جحود الابناء الذين
قاموا بايداع آبائهم في هذا الدور بلا مال أو مأكل أو ملبس.. دون أن
يكلفوا أنفسهم حتي بالسؤال عنهم وإذ سلم المسنون من جحود الأبناء.. وجدوا
عقوقا من نوع آخر في وسائل الإعلام حيث انتقد عدد من الاعلاميين
والاكاديميين الصورة النمطية للمسن في الافلام والمسرحيات والدراما
العربية والخليجية التي عادة ما تضعه في إطار محدد وهو انسان يتكيء علي
عصا وانسان يستدر عطف الآخرين أو تصوره بأنه الشخص المهمش والمعدوم الخبرة
أو المتصابي المحب للنساء أو الرجعي.. الأمر الذي يحقق نتائج عكسية ويسهم
في تمزيق العلاقات الأسرية ويزيل روح التراحم في داخل الأسرة..وأخيرا..
نؤكد علي ان المسنين الذي افنوا حياتهم في خدمة مجتمعهم وتخريج اجيال
نافعة ليسوا عالة علي المجتمع وهناك حاجة ملحة إلي تغيير ثقافة المجتمع
تجاه المسن والعمل علي الاستفادة من خبراتهم.. ونصيحة إلي الابناء
بالاحسان الي والديهم وخفض جناح الذل لهم وتوفير حياة كريمة تليق بعطائهم
وليعلم الجاحدون من الابناء الذين تناسوا فضل والديهم وآثروا القاءهم في
دور المسنين.. أنه "كما تدين تدان" والحقائق والوقائع علي مر الزمن خير
دليل علي ذلك..